الاثنين، 6 مايو 2013

تقديم كتاب منهج التذوق في الدراسات العربية وفق تصور محمود شاكر للدكتور عبد الله موساوي


لقد أصدر الدكتور عبد الله موساوي مؤلفا جديدا تحت عنوان "منهج التذوق في الدراسات العربية وفق تصور محمود شاكر" وهي دراسة يروم من خلالها، على حد قوله في المقدمة، إطلاع المتتبع على منهج أعرضت عنه أفكار الأدباء في عصرنا، وانحرفت عنه أقلام البلغاء في زماننا، مستعيضة عنه بمناهج دخيلة أقحمت في  النقد الأدبي العربي إقحاما توفق حينا وتخفق أحيانا، وتركوا البحث في المناهج الأصيلة التي تلائم أصالة الأدب العربي مثل "منهج التذوق" النابع من صميم الإبداع العربي والملائم لطبيعته.
ومما دفع الكاتب إلى البحث في هذا الموضوع ارتباط معرفته الأولى بمحمود شاكر حيث يقول في هذا الصدد: "فقد كان أول عهدي بكتابه "المتنبي" أثناء تحضير شهادة استكمال الدروس، قرأت هذا الكتاب وقرأت كتاب "مع المتنبي" لطه حسين فأحسست يومئذ فرقا بينهما استقر في نفسي ونازعني بعض همومي هو أن طريقة البحث متباينة بين هذين الناقدين، وكنت قد عرفت أن طه حسين يستهويه منهج الشك في دراسة الأدب وتاريخه، ولم أكن آنذاك أعرف أن محمود شاكر يبحث وفق منهج "التذوق"، ولكن برغم معرفتي بنهج طه وجهلي بنهج شاكر، فإني أحسست أن طريقة البحث مختلفة بينهما، وكان مضمر إحساسي أن شاكرا يبحث عن الحقائق من داخل شعر المتنبي، وطه حسين يبحث عنها من خارج شعر الشاعر" (ص 7).
ويتضمن هذا المؤلف مدخلا وثلاثة فصول:
 يتناول في المدخل منهج التذوق عند محمود شاكر وماذا يقصد به؟ وكيف يتم الانتقال من الذوق إلى التذوق وإن كان أصل الأخير من الأول؟
وخصص الفصل الأول، لاستعراض مرجعيات منهج التذوق عند شاكر، وقد حددها في محاور: استعداد الذات لتكوين نفسها في هذا النطاق، وتحملها لأنواع النصب وألوان المشاق والتعب من أجل الارتقاء إلى مرتبة التذوق، وهي أعلى درجة في الإدراك. وذكر فيه أيضا كيف فقه شاكر القول العربي الذي أهله إلى ترصد الملامح الأولى للتذوق في الثقافة العربية، وخصوصا تذوق طبيعة الكلام عند عبد القاهر الجرجاني (ت 471هـ)، وهو ما دفع بأبي فهر إلى الجمع بين تذوق طبيعة الكلام وفهم طبائع المتكلم من خلال كلامه. وكيف فسح هذا العمل المركب الطريق نحو تمييز خصوصيات الكلام العربي ومناهجه الأصيلة، مما سهل عليه نقد مناهج المحدثين الدخيلة على تراث الأمة.
وأفرد الفصل الثاني للحديث عن مكونات منهج التذوق وهي: الإحساس، والإدراك، والإبلاغ بما فيه الإبانة والاستبانة، مع الحرص على بيان التكامل بينها وبين خصائص هذا المنهج، وهي ممثلة في ميزاته الشمولية والتكاملية والاستدلالية والاستنباطية.
وتحدث في الفصل الثالث والأخير عن أثر منهج التذوق في أسلوب الكتابة عند محمود شاكر، وتركز الكلام فيه على الميزة البيانية لهذا الأسلوب في مباحث يقل تداولها وهي: الاستقصاء والتقسيم والتفسير والاستطراد البياني في الكتابة عند شاكر، ثم الميزة الترصيعية للأسلوب بفنون كثيرة منها أساليب القرآن والحديث النبوي والشعر والأمثال وفقه اللغة ولغات أخرى وترصيع الجد بالهزل. وهي كلها تدل على تنوع المقروء وشمولية تطبيقه، فأصبحت فكرة الدراسة واحدة متلاحمة تبدأ بتنوع المقروء وتلتقي بشمولية التطبيق، أي تطبيق المنهج على كتابات شاكر كلها، وتنتهي ببيان الأسلوب وتنويع ترصيعه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق